ادمان العادات والسلوكيات السيئة لا يقتصر على ادمان التدخين، الخمور، المخدرات، مشاهدة الأفلام الإباحية، أو ادمان التسوق، الأكل، الانترنت، الغش فى الامتحان، الخمول، والتقصير فى أداء الواجبات.. كل هذا وأكثر يندرج تحت قائمة طويلة عريضة من السلوكيات والعادات الخاطئة، الشائع منها يعتقد فيه البعض أنه مألوف، لكن غير المألوف بتعريفه اصطلاحًا “ادمان” هو بالفعل خفي، توارثناه وأصبح أسلوب ومنهج حياة، تخلله ادمان من نوع خاص يوصف بـ”الاعتمادية”، وقد تحتاج إلى علاج الادمان على أى نوع مما سبق، وتدخل متخصص.
هنا يجب التفريق بين الادمان الذي يضر صاحبه ويضر من حوله، والادمان الخفي الذي نكرره دون أن ندري أننا قد نقع تحت آثار جانبية تضر بنا أو بمن حولنا دون أن نشعر.
هرمون الدوبامين هو الهرمون المسؤول عن السعادة فى جسم الإنسان، فالدوبامين هى مادة كيميائية والتى تمثل جزءًا من نظام المكافأة فى الجسم، وارتباط هذه المادة بالعادات التى تشعرك بالسعادة والنشوة، مع ممارستها سواء أكانت مقبولة أو سيئة، إلى أن تصل بك بما يسمى العادات العصبية، فأصبح الآن السلوك روتين.. والروتين أسلوب.
نسرد من خلال المقال التالي أنواع العادات وكيفية الوقاية من السلوكيات السيئة التى قد تتحول إلى ادمان..
عادات يومية:
صحيت متأخر:
من العادات المصرية الأصيلة الاستيقاظ مبكرًا، حتى إن أول درس نتعلمه فى المدرسة.. نم مبكرًا.. واستيقظ مبكرًا”، وأول حاجة بنشتريها من تحويشة المصروف أو العيدية “منبه”، لكن بنكبر على الكسل، وبننام على سهر وتعب، وبنصحى مخنوقين من الحياة.. ويقولك فـ الأخر معلش صحيت متأخر.
الطريق زحمة:
الطريق واقف من صباحية ربنا، شعار لطيف حمله الإنسان المصرى النادر على هذا الكوكب، ولم يكن للنبر بتاع الدنيا واقفة، إلا عقاب مرورى يومى عن طريق زحمة العربيات والناس والبياعين والسواقين، حتى المواصلات عالمة والعيمة برضه زحمة وتأخير.. المهم معلش الطريق زحمة أركب جناحات وأطير.
فصل شحن:
تيت.. تيت 30% تيت تيت 17% تيت تيت 2% زربووو.. معلش يا زميلى فصل شحن، وتعيش أنت وأنا وكل من يحاول الاتصال بهذا الشخص تجربة مريرة للوصول إليه، ويتم شحن الموقف بنجاح، وفصل التواصل باستفزاز، والجملة المعتادة اللى ملهاش رد “معلش أصله فصل شحن”.. هو مين يا عم انت!
تضرب حاجة:
“حد هياكل يا شباب؟” سؤال مشروع لكن فى أوقات “البريك” وليس طول الوقت وأثناء العمل، فقد يكون “المنيو” صديقك أكثر من فواتير العميل، أو طلبات المدام، ولكن هناك بعض العادات السيئة فى الأكل التى تضر بك دون أن تلقي لها بالاً، فالوجبات الخفيفة خاصة الغنية بالدهون قد تصيبك بأمراض عديدة، وقد توقعك فى “ادمان الطعام”.
كذلك تناول الآيس كريم فى الليل يعد من أكبر الأخطاء الشائعة فى الوجبات الخفيفة، لأنه وجبة خفيفة لكنها دسمة وغنية بالسكريات والدهون التى تسبب مشكلات صحية، منها ارتفاع السكر، واندفاع الدماغ نحو البحث عن السعادة هو ما يجعلك تتناول هذه الأطعمة الغنية بالدهون والكربوهيدرات والسعرات الحرارية، وهى تساعد على تحسين الحالة المزاجية لديك، من خلال هرمون السيروتونين.. “تاكل شيكولاتة”.
عادات شخصية:
إهمال تراكمي:
الإهمال الذي تعودت عليه منذ دخولك إلى بيتك لو كنت طالبًا بعدم الاهتمام بتغيير ملابسك، إنهاء الواجبات المدرسية، والحرص فقط على مشاهدة مباراة لكرة القدم، أو النزول للعب، أو الجلوس لفترات طويلة على الانترنت كلها عادات شخصية سيئة، كذلك الموظف أو الموظفة التى تعود لبيتها بنفس الروتين والحياة اليومية الرتيبة المملة دون محاولة للتغيير، قد يكون أحدهم أصيب بـ”ادمان السلوكيات السيئة” ويتساءل لماذا هربت السعادة من شباك المنزل؟
صفارة ولبانة:
الصفير، أو طرقعة اللبان أو مضغ اللبان أو أكل شيء بإصدار أصوات، كلها عادات شخصية سيئة، قد لا ترتقي إلا أن توصف بأنها “أفعال صبيانية”، للعلكة بعض الإيجابيات، فقد وجد الباحثون أنه يجعل الناس يركزون بشكل أفضل في اختبارات خفة الحركة العقلية لمدة 20 دقيقة لكن هناك عادة أخرى لا يوجد لها تفسير، وهى “قضم الأظافر”، و”لوي” الشعر أو “نتف” الشارب، كسلوكيات لتخفيف التوتر والشحن السلبي للعمل، وكل ما سبق ليست سلوكيات غير صحية تصيب الفرد بامراض، لكنها تقع تحت بند السلوكيات السيئة، وقضم الأظافر تم تصنيفه بحسب تشخيص الرابطة الأمريكية للطب النفسي، ضمن اضطرابات السلوك المتكررة، والضرر يكون بنقل العدوى البكتيرية نتيجة النزيف.
عادات موسمية:
يرتبط البعض بمظاهر العقل الباطن، وينعكس ذلك على التصرفات والسلوكيات، التى قد تبدو عادية طبقًا للتوقيت الزمني أو الموسمي الذى وقعت فيه، لكن على العكس من ذلك فهناك سلوكيات مكتسبة أصبحت عادات وطباع تؤثر على التواصل والتعاملات خاصة الطقوس الدينية أو المعاملات التجارية، ولا يهتم الغالبية العظمى بتغيير تلك السلوكيات.
الصيام وعمايله:
اللهم إنى صايم.. صليت النهاردة فين؟ لأ مصلتش.. طب التراويح؟ لأ الأكل كبس على نفسى ونمت، طب منزلتش ليه يبنى شوية على القهوة؟ نزلت بعد ما لعبت كورة الساعة 12، طب مش هتذاكر؟ لأ مفرهد من الصيام، طب مش هتيجي الجامعة بكرة؟ هبقى أشوف.. يبنى انت كنتش كده قبل رمضان.. معلش بقى الصيام وعمايله.
أيام عيد بقى:
معلش انت عارف بقى الأسبوع اللى قبل العيد ده بيبقى ضغطة شغل وكله مستعجل على شغله، طب يا أسطى ما تحاول تخلصلى حاجتى عشان عندنا مناسبة سعيدة عقبال أولادك.. من عنيا يا بيه سيبلى أسبوع العيد ده وأول لما نرجع هخلصلك الحاجة بتاعتك هوا، خلص العيد.. انت عارف بقى لسه خارجين من عيد.. معلش!
تقليد أعمى:
عيد الحب:
هابي فلانتين داي.. جملة رقيقة يحب أن يسمعها أو يقولها الأحبة لبعضهم البعض، ويلازم ذلك وردة أو هدية أو خروجة أو كل الأساليب المتاحة للتعبير عن فحوى هذا اليوم، ولكن التقليد الأعمى لبعض المناسبات، حتى وإن كانت عابرة أو عادية هو نوع من أنواع تغيير السلوك، وبالتالي قد يرتقي الأمر إلى أن يصبح ادمانًا لهذا السلوك، ومن ثم قد يُصيب صاحبه ببعض الأمراض النفسية لاحقًا دون أن يعطي اهتمام بهذا.
فالعبرة ليست بفكرة الاحتفال بعيد الحب من عدمه، بقدر مدى تغليف مشاعرك وأحاسيسك نفسيًا من كونك اليوم تحب، والعيد القادم قد لا تكون مع نفس العلاقة، وتُصاب بـ”الصدمة” أو تبلد المشاعر، أو الخوف من خوض تجربة جديدة فى المستقبل القريب، وبالتالي قد أصابك ضررًا نفسيًا بيدك، وأيضًا هناك من يلقبون أنفسهم بـ”السناجل” من باب استجلاب التعاطف معهم، فهى أيضًا عادة غير مستحبة، لأنها تحمل أمراضًا اجتماعية منها الحقد، وعدم حب الخير أو تمني السعادة للأخر، حتى وإن كانت من باب “الفكاهة” وكتابة “بوست” على فيسبوك أو تويتة على تويتر.. فالحب مقبول بالطبع.. لكن علينا أن نراعي مشاعرنا ومشاعر الأخرين بـ”الحب”.
الشتيمة والمماطلة:
من العادات التى تأصلت داخل مجتمعاتنا، هى الشتم والسب والقذف، وكأن كتالوج الحياة يحتوي بين صفحاته على مفردات ثابتة، ولكن هناك باحث بريطاني كشف أن الشتم يفيد الشخص العصبي فى تهدئته، وتساعده على تحمل الألم، ولكنه فى نفس الوقت حذر من الإسراف فيه لأنه يفقد فعاليته العاطفية، وفى هذه الحالة لا يخفف الألم.
أما المماطلة فهى عادة سيئة جدًا، وتكمن أسبابها فى الخوف من الفشل، التمرد، الانحياز، ويرجع كل ذلك إلى فشل فى تنظيم السلوك، وليس إدارة الوقت، والمماطلة فى إنجاز المذاكرة، أو تنفيذ مهام العمل، أو ما شابه هى أشهر أنواع المماطلة أو التسويف.
عادات ديجيتال:
غزو التكنولوجيا حياتنا فى شتى نواحيها أجبرنا على عدم الاعتراف بأن التكنولوجيا ليست كل الحياة بل هى جزء من الحياة، واستخدامنا المفرط للأجهزة بكافة أنواعها، كمبيوتر، لاب، موبايل، آيفون، تابلت، أو ما يُعرف بـ”ادمان السمارت فون”، وغيرهم من المنتجات الرقمية، بجانب الساعات التى نقضيها أمام الشاشة الصغيرة لمشاهدة مسلسل مجمع، فيلم مكرر، مباراة هامة، أو برنامج مسابقات، كل هذا أوقعنا فى الادمان دون اكتراث للأمر.
الأضرار الجسدية والنفسية التى تصيبك، من تعب للعين، والنظر، وغيرها من آلام العمود الفقري، أو آلام متفرقة فى الجسم، وغيرها، وبحسب علماء فإن قضاء وقت طويل أمام الشاشة يُصيب الدماغ لاحقًا، وادمان الألعاب فى سن صغير يتلف الفص الجبهي فى الدماغ.
وقاية وعلاج:
- الشعور بالرضا والسعادة قد يكون مؤقت نتيجة ممارسة أو فعل عادة من بين العادات السابقة، لكن بعد انتهاء هذا الشعور، قد ينتابك شعور بالندم، الغضب، السلبية، وهذا يرجع إلى أن المواد الكيميائية فى الدماغ تعمل مع مواد أخرى مثل المواد الأفيونية التى يمكنها تخفيف التوتر وحتى الألم الجسدي.. فكن حذر.
- تناول وجبات خفيفة صحية كالمكسرات.
- استبدل أوقات الطعام الإضافي “سناكس” أو “تيك آواى” بأنشطة بديلة كالمشي، الجلوس مع صديق، التنزه.
- تعامل مع العلكة بطريقة أكثر هدوء، وحافظ على غسيل أسنانك أفضل، ولا توتر من حولك، ولا تصفر فى غير المألوف، وحافظ على أظافرك مشذبة.
- جدد الثقة بمن حولك وشاركهم ولا تبتعد لفترات.
- اعرف قيمة الوقت ورتب يومك بتحديد أهداف جديدة وطموحة.
- تأمل ومارس الرياضة بانتظام وشاهد البرامج الترفيهية التى تحبها.
- ابتعد أو قلل من شرب المنبهات وأكل الدهون والكربوهيدرات.
- تجنب التململ فهو يتبع عرض لأحد أمراض اضطراب نقص الانتباه فرط النشاط، وثنائي القطب، ومتلازمة توريت.
- استعمال “جرة الشتم” وهى طريقة تجبرك على ترك الشتم، بوضع مبلغًا ماليًا داخل وعاء فى كل مرة تشتم فيها أحد.
- لا تماطل أبدًا فهى من أسوأ العادات.
- تصفح الانترنت للفائدة والمعلومات، واختر أوقات محددة للترفيه والألعاب، وشاهد التلفاز فى وقت فراغك وليس 40 ساعة فى الأسبوع.
- لا تصطحب هاتفك فى الحمام، أو أمام الضيوف، أو عندما تجالس والديك، أو أسرتك الصغيرة إن كنت متزوجًا، وصاحب كتابًا.