“استيقظ فى الصباح لركوب مترو الأنفاق بصفته أسهل وسيلة مواصلات، وأرخصها، للذهاب إلى العمل فى تمام السابعة صباحًا، للحاق بخط إنتاج المصنع، وتوفير قوت أسرته، ويجلس بجواره طالب يحمل حقيبته ليلحق بطابور الصباح فى المدرسة، وموظفة تتمتم أذكار الصباح، حاملة معها دعوات لأبنائها بصلاح الحال والنجاح والفلاح”.
فى صباح يوم جديد، ذهب العامل إلى شباك تذاكر المترو بمحطة المرج لـ”يقطع” تذكرة بـ2ج.. ودار الحوار التالي:
– العامل: عايز تذكرة
– الصراف: رايح فين؟
– العامل: وادي حوف
– الصراف: هات 5 جنيه كمان
– العامل: ليه إن شاء الله؟
– الصراف: مش سامع الإذاعة الداخلية
– العامل: ولا خارجية كمان.. بجد حرام
– الصراف: التذاكر بقت ألوان يا أستاذ
– العامل: خشب ولا فلوماستر.. هههه هههه
– الصراف: تذاكر المنطقة الأولى باللون الأصفر بـ3جنيهات للتذكرة الكاملة، و2.5ج تذكرة، تذكرة المنطقة الثانية باللون الأخضر بسعر 5 جنيهات للتذكرة الكاملة، و4 جنيهات للنصف تذكرة، تذكرة المنطقة الثالثة باللون الأحمر بسعر 7 جنيهات للتذكرة الكاملة، و6 جنيهات للنص تذكرة.
– العامل: هاتلي تذكرة لون ولون.
– الصراف: الوزير قال: “أنا ضميري مبسوط ومستريح.. وبستخدم المترو فى حدود 3 مرات أسبوعيًا”.
– العامل: طب ومفيش حل.. أنا ضغطي بقى عالي فى الكام دقيقة دول.. ودمي اتحرق
– الصراف: المهندس علي فضالى، رئيس شركة المترو، قال: “الحل السحري الناس تعمل اشتراكات.. وده كله علشان الظروف الاجتماعية”.
– العامل: الواحد اتعكنن ع الآخر ومش عارف هيعمل ايه!
وضع العامل التذكرة فى المكنة وارتاد المترو متعجبًا وفى حالة ذهول تام، متسائلاً: إزاى هرجع من الشغل، وكل اللي فى جيبي 20 جنيه هتضيع فى مشوار الشغل رايح جي”.. وهو لا يعلم أنه قد وقع تحت وطأة أحد أمراض الاضطرابات النفسية، بداية من اضطراب القلق العام، الأرق، التوتر، والضغط العصبي، الاكتئاب، وقد يصل الأمر إلى الميول والأفكار الانتحارية.
خصائص تميز اضطراب القلق العام عن القلق الطبيعي:
أولاً: الهموم المرتبطة باضطراب القلق العام يصعب السيطرة عليها، وعادة ما تتدخل فى قدرة الشخص على ممارسة حياته, بينما هموم الحياة اليومية ينظر إليها بأنها يسهل السيطرة عليها، ويمكن تأجيلها إلى وقت لاحق.
ثانيًا: الهموم المرتبطة باضطراب القلق العام هى أكثر انتشارًا ووضوحًا، وتشكل محنة، وتستمر لفترة أطول، وكثيرًا ما تحدث بدون مسببات, كلما زادت ظروف الحياة التى يقلق بشأنها الفرد بشكل مبالغ فيه (الماديات, أمان الأطفال, الأداء فى العمل, إصلاحات السيارة) كلما زاد ترجيح التشخيص.
ثالثًا: الهموم اليومية يقل احتمال أن تكون مصحوبة بأعراض جسدية (مثل: الإرهاق الزائد, الأرق, الشعور بالإثارة المفرطة ككون المرء على الحافة, التهيج) على الرغم من أن ذلك يكون نادرًا فى الأطفال.
وتم عمل بحث لـ 13 ألف حالة فى عدد من استقبال المستشفيات بمصر لمرضى القلب، الباطنة، والصدر، ووجد أن 48% منهم يعانون من التوتر.
أعراض القلق العام والتوتر
فى البداية هناك تنوع ثقافى كبير فى التعبير عن القلق (مثال: فى بعض الثقافات غالبًا ما يتم التعبير عن القلق من خلال الأعراض الجسدية فى شكل آلام وأوجاع، وأعراض فسيولوجية، في ثقافات أخرى من خلال أعراض نفسية).
الأشخاص المصابون باضطراب القلق العام قد يشكون من أرق، إحساس بأنهم على الحافة، سهولة الإحساس بالإرهاق، والإحساس بأن عقله فارغ كالورقة البيضاء أو الصعوبة في التركيز لو تذكر الأشياء، التهيج، شدة العضلات، اضطرابات النوم، عدم الثقة بالنفس، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات أو الحزم.
من جانبه يقول الدكتور أحمد المسيري استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان عضو الكلية الملكية للأطباء النفسيين، وعضو الفريق العلاجي بمستشفى الأمل للطب النفسي وعلاج الإدمان، أن التوتر، هو عرض نفسي يوجد بالفطرة لدى الإنسان، ولكن زيادة التوتر عن حدها قد تنقلب بمرض نفسي، ويتخلل ذلك أعراض جسدية ونفسية لابد من التعامل معها وعلاجها.
من بين تلك الأعراض التى تظهر على الشخص الذى يعاني من التوتر، أفكار ومخاوف لا تنتهي، صداع، نهجان، زيادة ضربات القلب، إسهال أو إمساك، رعشة فى الأطراف، شد عضلي، وجع فى الظهر أو الرقبة، وأعراض أخرى عديدة لا تفارق الشخص “المتوتر”.
بينما تكون الأعراض النفسية “مستخبية”، ومن هنا تكمن خطورة التوتر، لأن هناك علامات نفسية تظهر على الشخص الذى يعاني من التوتر، لأنه لا يكون متخوفًا من شيء واحد، بل من عدة أشياء أو أمور حياتية تشغله طوال الوقت، لذلك يسمى بالتوتر العام، ويظهر ذلك من خلال التوقعات السلبية برغم أنهم أشخاص غير مكتئبين، لكنهم يفكرون فى الوجه السلبي أولاً.
الأشخاص أصحاب القرار الذين يقعون تحت وطأة التوتر، لا يستطيعون اتخاذ قرارات سليمة بسبب سيطرة التوتر على مراكز تفكيرهم، وهناك مشكلات معرفية للتوتر، منها صعوبة فى التركيز، اضطراب فى الذاكرة، النسيان، قصور فى الأداء الوظيفي بنسبة 30 إلى 50%، كذلك الطلاب يفقدون تركيزهم الدراسي على نفس الوتيرة.
تجنب الضغط العصبي بـ6 خطوات
1. التنفس والاسترخاء.
2. ممارسة الرياضة بانتظام.
3. الابتعاد عن الضغوط اليومية، والمؤثرات المسببة له.
4. النظر لنصف الكوب الممتلئ، وتفريغه من الأشياء التى تسبب لك التوتر يومًا بيوم.
5. إعلان شعار التحدي فى وجه هذا المرض الشائع الذي يتعامل معه الغالبية العظمى على أنه عرض وسيزول بالوقت.
6. يعتبر العلاج المعرفي السلوكي نهجًا لعلاج التوتر.
العلاج الدوائي
هناك علاج دوائي للتوتر، ولكن يعترضه اختلاط الفكر فى طريقة استخدامه، فهناك أدوية مرخصة تستخدم بشكل مؤقت، وعند استخدامها لفترات طويلة تسبب مشكلات الاعتمادية، السلوك، والنوم، ولابد من معرفة أن علاجات التوتر لا تقتصر على أنواع عقاقير بعينها، ولكن هناك أدوية أخرى تعتبر آمنة بشكل أكبر لتجنب مثل هذه المشكلات التى ذكرناها.
استعن بمتخصص
عند حدوث مثل هذه الأعراض لدى شخص عزيز لديك، أو وقوعك فى مثل هذه الأعراض التى تنغص عليك حياتك، عليك بالاستعانة بمركز أو طبيب نفسي متخصص لتشخيص الحالة والعلاج، لأن التمادي فى السكوت على التوتر، قد يُفاقم الأمور إلى أمراض نفسية خطيرة ومزمنة.. فلا تتردد فى التواصل.