الإدمان والفرق بين الشعور بالخزى والشعور بالندم للمدمن

 

يشعر المدمن طوال الوقت، بإحساس الخزي والعار والخوف من المجتمع المحيط به، ومن ناحية اخرى يشعر بالذنب والندم على ما قام به تحت وطأة الإدمان، فما الفرق بين الشعور بالعار والشعور بالذنب، وهل لهذه المشاعر دور في عملية التعافي وإتمام رحلة العلاج من الادمان؟.

في البداية، نؤكد أن الإدمان ما هو إلا مرض نفسي وعقلي وبدني، يحيط بالمريض ويجعله اسيراً له، ويجعله يرتكب العديد من الأخطاء والجرائم في حق ذاته والمحيطين به أيضا، وهذا هو سبب وصمة العار المجتمعي التي تحيط بالمدمن، فيتهمه الجميع بأنه شخص ضعيف فقد إرادته وأجرم في حق ذاته ومجتمعه ايضا، ولكن من دورنا نحن أن نخفف من حدة هذه الوصمة، ونقدم للمدمن يد العون والمساعدة بدلا من أن نلومه ونحيطه بالعبارات القاسية التي تهدم دون جدوى.

الخزى والعار مقابل والذنب:

قد وضح الخبراء أن الشعور بالذنب هو ذلك الشعور الذي نشعر به عندما نتأكد من أننا فعلنا شيئًا سيئًا، في حين أن العار هو العاطفة التي تحيط بنا عندما نعتقد أننا اشخاص سيئون، ويربط العار ارتباطًا مباشرًا “بالإدمان والاكتئاب واضطرابات الأكل والعنف والبلطجة والعدوان”، في حين أن الذنب، يرتبط ارتباطًا عكسيًا بكل من هذه الأشياء السابقة.

لتوضيح الأمر أكثر، من الممكن أن نقول إن الذنب يخرج بعد فعل شيء ما، أما الشعور بالخزي او العار، فهو شعور ينبت تجاه وصمة للذات أي انه يعد لاصق بالذات وقد يختصر فيها المرء نفسه في صفة معينة، ويحدث ذلك بعد تكرار اقتراف ذنب معين( مثل الإدمان على المخدرات) ، ويرتبط ذلك الشعور داخل النفس بمشاعر وأفكار سلبية مثل (أنا شخص سيء.. انا شهواني.. أنا غير محترم.. الخ) والخطير في الامر ان هذه الافكار تتنامي وتتجمع حولها المشاعر السلبية التي تلتصق بالذات، ويصعب معالجتها، فتظهر صورة سلبية داخلية عن النفس.

يمكن أن يؤدي الشعور بالخجل والعار أيضًا إلى تدني احترام الذات وعدم الاستمتاع بالاوقات السعيدة مع الاخرين، لذلك ينصح خبراء علم النفس بعدم تجاهل هذا الشعور، واهمية التحدث عن ذلك مع شخص يمكن أن يساعدك في الحفاظ على احترامك لذاتك وثقتك بها، ويذكر أيضا إن مشاركة هذا الشعور والتعبير عنه أمر مهم، لأنه إذا اختبء هذا الشعور بين الزوايا المظلمة، دون حل، فإنه يتمتع بالقدرة على الظهور مرارًا وتكرارًا والنمو أكبر والظهور أكثر في كل موقف تمر به في حياتك.

الإدمان والشعور بالذنب:

ان هناك رابط وثيق بين الإدمان طويل الأمد والشعور بالذنب، واهتزاز صورتك الذاتية وثقتك بذاتك، بل من الممكن ان يصل بك الشعور بالذنب إلى حد تأثيره على نجاحك وعملك وعلاقاتك بالآخرين ممن حولك، وخاصة يؤثر ذلك على علاقتك بأصدقائك واقاربك واسرتك، وربما يؤدي ذلك الشعور الى التخبط وافساد علاقتك بشريك حياتك ايضا، ويبدأ هذا الشعور عندما تجد نفسك تماديت في الإدمان وأصبحت أفعل كل شيء من أجل الحصول على المخدرات، وقد تكون قد وقعت في خطأ ارتكاب الجرائم مثل السرقة والقتل من أجل الحصول على المال لشراء المواد المخدرة، هنا تنبت لديك مشاعر الذنب مما اقترفت بسبب السلوك الإدماني الخطير.

الشعور بالندم:

فمن الوارد جداً في هذه المرحلة أن تشعر بالندم وتجد نفسك محاطة بالمشاعر المؤلمة التي تؤنبها تؤرقها في كل وقت، وتصفع نفسك بضع صفعات داخلية مؤلمة، وهنا تحتاج الى ان تعد نفسك بعدم العودة الى المخدرات مرة اخرى، وضرورة التواجد في مستشفي او مركز لعلاج من الادمان، و لمساعدتك في التخلص من السلوك الإدماني الشنيع، وننصحك بالتوجه إلى مستشفى الأمل لعلاج الإدمان، تلك المؤسسة العريقة التي تساعدك في التخلص من الإدمان وأسبابه والتخلص من السلوك الإدماني والآثار السلبية للإدمان بوجه عام، بالاضافة الى ذلك تقدم مستشفى الأمل خدمات الرعاية اللاحقة للمرضى المدمنين المتعافين من الإدمان حتى تطمئن على المتعافي وتتركه أمناً وسط مغريات المجتمع.

غير أن الشعور بالندم، اذا توقف عند كونه شعور فقط، من الممكن ان يجعلك تستفيق من الغفلة لبضعة ايام فقط، وتتوقف عن ممارسة السلوك الإدماني لبعض الوقت، وقد يصل ذلك الوقت الى ايام او اسابيع، ثم تعود السقوط وتعاطي المخدرات او شرب الكحوليات مرة أخرى، وهنا تكون هذه الانتكاسة ذات أعراض نفسية وبدنية قاسية جداً، وإذا جلست مع نفسك بعد المرور بهذه المرحلة، يتضخم لديك الشعور بالذنب هذه المرة اكثر من المرة السابقة بمراحل عديدة، وذلك يرجع إلى أن الشعور بالندم هذه المرة ليس فقط لاقتراف الذنب والعودة إلى المخدرات أو الى إدمان أي شيء آخر، وإنما يضاف إليه الندم على إخلاف للوعد بعدم العودة إلى هذا الذنب مرة أخرى.

علاج الادمان والشعور بالخزي والعار:

قد وجدت الدراسات أن الشعور بالخزي والعار المجتمعي قد يؤدي إلى إحجام عدد كبير من المدمنين عن طلب المساعدة والتقدم للمراكز والمستشفيات المتخصصة للعلاج من الإدمان، لذلك فلابد ان تمحي وصمة العار المجتمعية التي تحيط بالمدمن، وذلك يحدث فقط عندما نعي جميعا، ان الادمان مرض مثل أي مرض آخر، ولذلك فإن المدمن مريض، وليس مجرما يستحق العقاب.

علاج الادمان والشعور بالذنب والندم:

بالطبع تتطلب الخطوة الاولى في رحلة العلاج من الإدمان، وهي التقدم لطلب المساعدة وتلقي العلاج من الإدمان، الشعور بالندم والذنب، ذلك الشعور هو ما يدفع المدمن الى الوقوف مع ذاته ووضع حد للازمة لانقاذ ذاته من الحفرة التي وقع بها، ويجب أن يدرك المدمن هنا أنه هو من ألقى نفسه في هذه الحفرة وعليه وحده ان يضع حدا لذلك، ومن هنا تتكون لدى الفرد الوعود الصارمة المصحوبة بالعزيمة والارادة القوية لبدء رحلة العلاج من الادمان.

لكن في الوقت ذاته، يجب ان لا تتمادى في القاء اللوم على ذاتك، ويلزم أن تفكر في الأسباب التي جعلتك تفعل ذلك، والمشاكل التي تسببت في جعلك تود الهروب من عالم الواقع عن طريق إدمان المواد المخدرة، لان ادراك الاسباب الحقيقية وراء الإدمان على المخدرات، من الممكن أن يكون له دور كبير في مواجهة ذاتك واجبارها على خوض رحلة العلاج من الادمان وإتمام الشفاء ومواجهة المشاكل التي تواجهك في المجتمع بعد ذلك دون الهروب منها، ومن الممكن والطبيعي جدا أن تستعين بأحد الخبراء والمتخصصين في علم النفس لمساعدتك في حل هذه المشكلات.

 

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!

أضف تعليقك

حقول مطلوبة *



×