كيف تحمي ابنك عند ظهور علامات الانتحار؟ – الانتحار و المخدرات

 

“النفسية زفت”، “أنا زهقان آوي”، “الأيام دي صعبة شوية”، “نفسي أهاجر”، “النفسية محتاجة بحر”، “عندي ملل واكتئاب“، “مش لاقي نفسي فى الكلية دي”، “عايز اضرب مخدرات عشان أنسى”،.. عبارات قد يظن معظم الآباء أن الابن المراهق يتفوه بها من باب تراكم الدروس عليه، واقتراب موعد الامتحانات، وقُرب مرحلة الاعتماد على النفس وشق طريق الحياة، ويقيس كل ما سبق على ما مر به من ضغوط وأزمات، ويكون لسان حاله “دي طبيعة المرحلة”.

عزيزي الأب، عزيزتي الأم، الأمور البسيطة التى لا تخطر ببالك، أو لا نضع لها قدر من التفكير فيها ولو بصورة سطحية، قد تكون عارض لاضطراب نفسي يصل بالابن المراهق إلى مرحلة الاكتئاب واليأس، ومن ثَم الانتحار، وهذا ما تشير إليه معظم الدراسات الحديثة، أن90% من الأشخاص الذين يقبلون على الانتحار يعانون من أمراض نفسية، ولم يلجئوا للتشخيص الطبي الصحيح.

وفى مصر نسبة أطفال المدارس الذين يفكرون فى الانتحار 22%، ونسبة الذين حاولوا فعليًا 13%، وقد ذكرت الأرقام في تقرير اليونيسيف حول العنف ضد الأطفال في المدارس والمنزل، وهو مؤشر يدُق ناقوس الخطر داخل بيوتنا، ويجعل من المسؤولية المجتمعية تجاه أطفالنا، ومن هم فى سن المراهقة أمر واقع، لا يمكن التغافل عنه من قبل الحكومات، القطاع التعليمي، الإعلام، وقبلهم الأسرة، والمتخصصين فى مجال الطب النفسي يضعون قدمًا قبل أخرى للدعم والمساعدة فى تجفيف منابع المشكلات النفسية التى تؤدي إلى الانتحار.

ماهية الانتحار

فى البداية الانتحار هو محاولة ناجحة أو فاشلة أو بائسة لإنهاء الحياة عن قصد لإيذاء النفس بهدف الموت والراحة من الحياة التى اقنع الشخص المُقدِم على الانتحار نفسه أنها بلا قيمة، وهذا ما حرمه الله عز وجل، لأن فيه اعتراض على المشيئة والأقدار الإلهية.

أسباب الميول الانتحارية

أسباب الميول الانتحارية هى أسباب مختلطة، وتختلف باختلاف الأشخاص، البيئة، المشكلات، الصحة العقلية، ولا يمكن أن يكون هناك سببًا موحدًا يشمل جميع حالات الانتحار التى قد تتجاوز المليون شخص سنويًا حول العالم، وأكثر من هذا المعدل يحاولون القيام بالتجربة القاتمة، بنظرة سوداوية بأن الانتحار هو حل نهائي لمشكلات مؤقتة وزائلة.
كما لا يمكن التغاضي عن المشكلات الاجتماعية، البطالة، الظروف الاقتصادية القاسية، الشعور بضيق الحال، وكلها قد تكون السلوك الانتحاري لدى الأطفال، المراهقين، الشباب، ومختلف الفئات العمرية.

المخدرات والانتحار

يُسهم تعاطي المواد المخدرة أو الكحول فى الميول الانتحارية بشكل كبير، ومع زيادة الجرعات المعتادة من مخدر ما، أو تجربة نوع مخدر جديد يصيب الشخص بالجنون، أو الرغبة فى القتل والجريمة، فهذا أيضًا انتحار، وفى حالة تأخر اتخاذ قرار العلاج والتعافي من الادمان على المخدرات أو الكحول، وتجربة كل ما له علاقة بأنواع المخدرات، ووصول الأمر إلى الملل والتوتر والاكتئاب، وتدمير الجهاز العصبي، والإصابة بأمراض جسدية ونفسية وعقلية لدى الشخص المدمن، هنا تكون النهاية بالتخلص من كل تلك الآثار، بالإقدام على الانتحار.

الاضطرابات النفسية والانتحار

المراهق هو فرد يعيش ويتفاعل داخل الأسرة والمجتمع، وقد يُصاب بنوبات من الفشل، الإخفاق، الانعزال، الخوف، الشك، الارتياب، وقد يحدث كل هذا حال وجود اضطرابات فى العلاقات الأسرية، إلى جانب ما سبق، قد يُصاب أحدهم بالاكتئاب الحاد، الفصام، الذُهان، اضطرابات الشخصية الحادية، والتى ينتابها أفكار مشوهة، وتقلب فى المشاعر والأحاسيس، الهوس الاكتئابي الذى يعاني فيه الأشخاص من تغير أو تعكر المزاج، كذلك اضطرابات الاكل والأفكار المتعلقة بالسمنة، والاندفاع، والميول الجنسية، وتناول مضادات الاكتئاب، لأنها قد تزيد من خطر الانتحار لدى الأطفال والمراهقين والشباب، فلابد من مراقبة أي شخص يبدأ تناول مضادات الاكتئاب عن قرب لاكتشاف علامات التفكير في الانتحار.

عوامل أخرى للانتحار

  • الجينات الوراثية، ووجود حالات لديها سلوك انتحاري بالعائلة.
  • تاريخ عائلي من الإصابة باضطراب المزاج.
  • محاولات انتحار سابقة.
  • التعرض للاعتداء البدني، أو الجنسي.
  • الوقوع تحت تأثير تهديد، أو عملية ابتذاذ.
  • حادث مؤلم فى حياة الشخص، فقد عزيز، أو خلاف طويل.
  • وقوع الفتاة المراهقة فى علاقة غير شرعية أدت إلى حمل سفاح.
  • سهولة الوصول إلى وسائل الانتحار، مثل الأسلحة النارية، والسموم.
  • ومؤخرًا زادت فى مصر حالات الانتحار بسبب عدم استطاعة الإجابة على أسئلة الامتحانات، أو الانتحار لسوء النتيجة فى الثانوية العامة، والشعور باليأس والفشل الذريع.
  • عوامل انتحارية غير متوقعة

 الانتحار الفلسفي

فقد يخلق البعض أسباب فلسفية للانتحار، وبناءًا عليها يتخذ القرار، للتخلص من حياته بسبب تعرضه لمرض مزمن، أو حادث مؤلم عكر صفو حياته، ولا يستطيع أن يتغلب عليه بالصبر والصلاة، والإيمان بالقدر خيره وشره.

الانتحار بالانترنت

فلعبة الحوت الأزرق خلفت وراءها مئات الضحايا من الأطفال والمراهقين والشباب فى مختلف بلدان العالم، ولم تشفع لهم ثورة التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، فمن منا كان يخطر بباله أن لعبة على هاتف ابني الصغير، أو تحميلها على اللاب توب أو جهاز الكمبيوتر الخاص به بغرض الترفيه واللعب ستكون هى النهاية لحياته.. وإن قيل عنه الانتحار عن طريق الخطأ.. لعنة الله على الحوت الأزرق.. ومن التكنولوجيا وألعاب الانترنت ما قتل.

انتحار الرفاهية

وسجلت حالات عديدة ببعض الدول المعروفة بالاسكندنافية، الدنمارك والنرويج والسويد وفنلندا، والتي يتخطى فيها المواطن حدود اللامعقول فى معدلات العيش والرفاهية، وقد تُقدِم مجموعات على الانتحار الجماعي، والتخلص من الحياة الرتيبة والمملة التى يعيشونها.

انتحار الفقر والمرض

هناك قائمة لأول عشرة بلدان فى العالم من حيث معدلات الانتحار، شملت غيانا، اليابان، كوريا الجنوبية، سريلانكا، ليتوانيا، جمهورية سورينام، الموزمبيق، تنزانيا، النيبال، كازاخستان، ويرجع العلماء أسباب تلك المعدلات المخيفة فى الأعوام الأخيرة لأعداد المنتحرين هناك إلى انتشار الفقر والمرض وقلة التعليم وغياب الوعي الثقافي والتربوي والشعوذة.

علامات الانتحار

  1. “هريحكم مني قريب” – “مش هتشوفوا وشي بعد النهاردة” – “محدش يشغل باله بيا” – “سيبوني فى حالي أنا حر فى تصرفاتي” – “محدش بعد كده يسألني بتعمل إيه وعايش ليه؟”..
  2. مثل هذه العبارات قد تكون تحذير مسبق لوجود أفكار أو ميول انتحارية لدى ابنك،ابنتك المراهق وأنت لا تُلقي لها بالاً.
  3. خلق جو من الكآبة داخل المنزل، وعدم الاهتمام بالأمور الحياتية والدراسية، وعدم التعليق على أي حديث.
  4. الاختفاء عن المناسبات الاجتماعية سواء العائلية أو غيرها، وعدم الرغبة فى التواصل.
  5. شرب السجائر أو تعاطي المخدرات/الكحول بشراهة، وتغير السلوكيات للأسوأ.
  6. العدوانية والتهور وتقلب المزاج.
  7. الاستمتاع بمشاهد الموت والعنف والإيذاء، والانجراف العقلي نحو أي الطرق تناسبني للتخلص من الحياة فى أقرب وقت.

واجه ابنك فورًا

عند ظهور مثل تلك العلامات على ابنك المراهق لا تتردد فى التواصل معه فى الحال، وواجهه بالمشكلة التى طابت ثمارها الخبيثة فى رأسه، وانتبه جيدًا لكل ما يقول، وأجعل من أبويتك سلاحًا تحمي به فلذة كبدك من الأفكار والميول الانتحارية، وازرع بداخله أملاً جديدًا، وكوني له عزيزتي الأم الحضن الدافئ الذى سيملأ حياته وردًا وعطفًا، وأن أي مشكلة صعبة فى هذه الحياة لها حلول، ونحن جميعًا معرضون للخطأ، فعلى الوالدين أن يقدموا لابنهم المراهق الدعم والمساندة خلال تلك الفترة، وتوجيهه لإيقاظ الوازع الديني بداخله، وضرورة تمسكه بتعاليم دينه، وعدم إغضابه لربه، وأن يموت على غير الفطرة، وأن يلقى الله بهذه الصورة التى حتمًا لا يحبها، ويتقرب إليه عز وجل.

توصيات الامل

  1. تواصل معنا لدعم ابنك/ابنتك فى الحال.. فنحن لن نتخلى عنهم.
  2. ساعدنا فى استكمال خطة العلاج.. وادعم ابنك المراهق نفسيًا.
  3. دورنا كمتخصصين هو رسالة لحماية أبنائنا من الأفكار المشوهة.
  4. نحافظ على السرية التامة فى العلاج.. ونعدك بخدمة طبية متميزة.
  5. رمم ابنك بالأنشطة الترفيهية والرياضية والروحانية واستثمر فيه للمستقبل.
  6. الصراع النفسي/المشكلات الأسرية/ العُزلة/ أصدقاء السوء.. أعداء ابنك المراهق فاحذرهم.

تذكر دائمًا هذه الأبيات: “أَتَيْأَسُ أَنْ تَرَى فَرَجًا … فَأَيْنَ اللَّهُ وَالْقَدَرُ” … نحن هنا لمساعدتك ودعمك.. أنت لست وحدك

 

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!

أضف تعليقك

حقول مطلوبة *



×