إعادة التأهيل النفسي – مراحل علاج الادمان

 

تأتي مرحلة إعادة التأهيل النفسي ضمن خطوات علاج الإدمان ويقصد بإعادة التأهيل النفسي عمليات العلاج النفسي من خلال الاعتماد على المواد التي تمتلك نفس التأثير النفسي على المدمنين، مثل المواد المخدرة، والكحوليات، وأدوية الشارع، مثل الكوكايين أو الهيروين أو الأمفيتامينات، والوصفات الطبية، والغرض من ذلك هو تمكين المريض من إيقاف الاستعمال السيئ للمواد المخدرة، كي يتم تجنب الآثار النفسية السيئة لها، وبالخصوص عند الإفراط في تعاطي المخدرات، وتتم إعادة التأهيل النفسي لمدمني المخدرات من خلال تعليم المريض لطريق جديدة وفعالة للتعامل مع بيئة خالية من وجود المخدرات بالخصوص، ويجب إبعاد المريض عن أصدقاء السوء الذين كانوا يتناولون معه المخدرات لضمان عدم عودة المريض إلى الإدمان مرة أخرى.

تهدف برامج إعادة التأهيل النفسي لمدمني المخدرات إلى دراسة وتغيير العوامل التي أودت بهم إلى إدمان المخدرات، وليس فقط وقف استخدام الكحوليات، وتناول المواد المخدرة، فالعديد من برامج إعادة التأهيل النفسي للمريض هو عملية الإبعاد عن المخدرات والكحوليات دائمًا، وليس فترة مؤقتة والانتكاسة مرة أخرى، فيجب أن يشمل برنامج إعادة التأهيل النفسي كافة الجوانب التي تضمن ابتعاد مدمن المخدرات والكحوليات إلى الابتعاد عن إدمانه وعدم الانتكاسة مرة أخرى.

أنواع علاج إعادة التأهيل النفسي:

هناك أنواع كثيرة من البرامج المساعدة في إعادة التأهيل النفسي لمدمني المخدرات ومن أهمها:

العلاج السكني:

يتم داخل المستشفى وبدعم كبير من المجموعات المحلية، ومنازل المقلعين عن الإدمان ومراكز الرعاية الممتدة، والتي تقدم برامج متخصصة، وتختلف تبعًا للفئات العمرية المختلفة، أو إذا كان المدمن من النساء أو الرجال، وهناك بعض المؤسسات الخاصة في إعادة التأهيل النفسي مختلفة، وهي الرابطة الوطنية لمستشاري المخدرات، وبعض الجمعيات الأخرى المعنية بهذا الموضوع، مثل جمعية علماء النفس في السلوك، وقد تم قياس استجابة مدمني المخدرات إلى العلاج الروحاني عن طريق الإرشاد والوعظ الديني، وتم اكتشاف أن هناك 41% من المدمنين يقدمون استجابة للعلاج الروحاني عن طريق الإرشاد والوعظ الديني.

كما أنه قد أجري بحثًا علميًا عام 1970، وتم اكتشاف أن العلاج الفعال للشخص المدمن يشتمل على كل الاحتياجات التي يحتاجها، والتي لا تكون فقط تعاطي المخدرات، ولكنه يحتاج أيضًا فضلاً عن ذلك التخلص من سموم المخدرات والكحوليات  خارج الجسم عن طريق المساعدة الطبية، وليس فقط المرحلة الأولى من العلاج فهي وحدها لا تكفي لتغيير الشخص المدمن، لأنه معرض لانتكاسة بعد وقف المخدرات في أي وقت.

توصيات للعلاج النفسي:

من جانب آخر فقد أوصى المعهد الوطني لتعاطي المخدرات DINA بالعلاج الطبي والنفسي والسلوكي مع بالعلاج بهذه الطريقة تشكل جميعها عناصر هامة ولازمة للعملية العلاجية التي يكون البدء فيها بتخليص الجسم من هذه السموم، ثم يتبعه العلاج النفسي، وتنفيذ برامج إعادة التأهيل النفسي لمدمني المخدرات لضمان عدم حدوث انتكاسة، ولتمكين المريض من ممارسة حياته الطبيعية الشخصية والاجتماعية بعد التعافي من الإدمان.

لذا فيتوجب أن يتضمن البرنامج التأهيلي علاج لجميع جوانب حياة المريض، وتوفير الخدمات الطبية والصحية والعقلية، بالإضافة إلى متابعة نظم الدعم الاجتماعي، والمتابعة المنزلية من قبل الأسرة والشريك، والتوجيه للتعامل مع بيئة سليمة خالية من المخدرات و الكحول، لتمكينهم من الحصول على عادات حسنة، كذلك يتم تنظيم برنامج إعادة التأهيل النفسي بناء على شدة الإدمان، ونوعيته، وكميته، ومدة التعاطي السابقة.

مميزات أخرى لبرامج التأهيل النفسي:

ومن المميزات الأخرى لبرامج التأهيل النفسي عن طريق العلاج السكني الداخلي، هو أن الموجودين في المكان والخاضعين للعلاج يمتلكون نفس المشاكل، ويقدمون على نفس العلاج، مما يوفر لكل عنصر موجود في برنامج العلاج السكني دفعات معنوية مرتفعة تساهم كثيرًا في إعادة التأهيل النفسي، وغالبًا ما يتم استخدام علاجات وأدوية، مثل البوبرينورفين، والعلاجات النفسية المستخدمة في إعادة التأهيل النفسي، والتي تساعد المدمنين على الاعتراف، ومواجهة الذات.

العلاج الأسري متعدد الأبعاد:

يهدم هذا النوع من العلاج إلى إظهار الأداء الأسري للمساهمة في إعادة تأهيل الشخص المدمن، والذي هو عنصر من عناصر الأسرة، كذلك المقابلات التحفيزية: والتي يتم من خلالها إدخال العلاج التحفيزي، والذي يغير من سلوك المدمن ويستهدف هذا الأسلوب التعزيز الإيجابي للإقلاع عن المخدرات، وعدم العودة لها نهائيًا.

العلاجات الدوائية:

يتم استخدام أدوية خلال رحلة العلاج وإعادة التأهيل النفسي على نطاق واسع، وتحت إشراف الطبيب المعالج، مثل البوبرينورفين، والميثادون، وهي أدوية مسكنة تم اكتشافها في أمريكا في الآونة الأخيرة تستخدم كوسائل للتخلص من السموم، والتخفيف من الأعراض الانسحابية المخدر من الجسم لعلاج الإدمان، واللجوء إلى مواد أفيونية أخرى، مثل الهيروين و المورفين والاوكسي كودوني، وقد استقر المعهد الوطني لتعاطي المخدرات DINA على أن إعطاء المريض جرعات كافية ومستدامة من الميثادون أو البوبرينورفين يمكن أن يبقى على وظائفهم، وتجنب الجريمة والعنف، وتجنب التعرض لفيروس نقص المناعة، والالتهاب الكبدي الوبائي الذي يمكن أن ينتج عن التوقف تناول المخدرات.

العدالة الجنائية كعلاج وإعادة التأهيل النفسي:

قد يكون من ضمن إعادة التأهيل النفسي لمدمني المخدرات في بعض الحالات جزء من العدالة الجنائية بواسطة الحكم على الأشخاص المدانين بتعاطيهم المخدرات أو الكحوليات بإعادة التأهيل بدلاً من السجن، وذلك في حال حيازة المخدرات والتوثق من تعاطيهم للمخدرات، فقد أثبتت العدالة الجنائية بتطبيق إعادة التأهيل النفسي بدلاً من تطبيق عقوبة السجن، فهذا الحكم ينتج شخصًا جديدًا سويًا في المجتمع، بدلاً من إضاعة مستقبله داخل السجن، وخروجه للمجتمع بنفس عادته السيئة من إدمان المخدرات والكحوليات، والتي ينتج عنها عدة جرائم أخرى، وقد طبقت هذه الطريقة في السودان عند القبض على متعاطي وأظهر رغبته في العلاج، وتم تحويله إلى مستشفى الإدريسي للتماثل للعلاج، أو مصحة كوبر سابقًا، ومن أشهر طرق المعرفة السلوكية للتعافي من الإدمان وإعادة التأهيل النفسي هي “الآن مرات” Alan Marlatt لتجنب الانتكاسة، وتقوم على وصف  أربع عمليات نفسية واجتماعية وثيقة الصلة بالإدمان، وعمليات الانتكاس، وتجنب العودة مرة أخرى.

خطوات إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي:

بعد تعافي مدمن المخدرات من إدمانه يجب تهيئته للتعايش وسط المجتمع بدون خوف عليه من حدوث انتكاسة، أو حدوث مشاكل نفسية، وليتناسب مع احتياجات المجتمع المحيط به، وخصوصًا في سوق العمل، ورفع مستوى طموحات المتعافي وتقديره لذاته، وذلك من خلال الخطوات التالية:

التدريب:

فكرة التدريب والعمل في حد ذاتها تساهم في جعل الشخص المتعافي بعيدًا عن التفكير في العودة إلى طريق المخدرات مرة أخرى، حيث أن الانشغال فيما هو مفيد يشتت ذهن الشخص عن التفكير في تناول المخدرات والانتكاسة مرة أخرى.

البرامج التثقيفية:

وتهدف مثل هذه البرامج إلى دفع أسر المدمنين إلى الاندماج في الورش والبرامج الاجتماعية التي تساعد على توفير طرق المراقبة والدعم التي يحتاج إليها المريض في مرحلة التعافي، ويتم إلقاء المحاضرات لهذه الأسر، والتي تتناول كيفية التعامل مع المدمن، وتقبله مرة أخرى بينهم دون تخوف منه.

دعم نظام التقبل الاجتماعي في المجتمع:

قبول المجتمع لتواجد الشخص المدمن، والذي أصبح متعافيًا، يساعد كثيرًا في إعادة التأهيل النفسي للشخص، وذلك لشعوره بأنه مقبول، وليس منبوذ ممن حوله من زملاء الدراسة، أو العمل، أو الأصدقاء، أو الأهل، والأقارب، واندماج المتعافي في مشاريع العمل التطوعي: وهذه الطريقة التي يتم من خلالها اندماج الشخص المتعافي في داخل مشاريع العمل التطوعي تجدد من أهدافه في الحياة، وتساعد على تجديد يومه، وفي تحويل حياته للأفضل، وعدم توقع الانتكاسة.

برنامج الاثنا عشر خطوة:

هذا البرنامج يأتي ضمن خطوات إعادة التأهيل النفسي، حيث يعتمد هذا البرنامج بصورة رئيسية على التوجيه والإرشاد الديني والروحي، ودفع المريض إلى التخلص نهائيًا من إدمانه، والاستمرار في دعمه لحين ضمان عدم انتكاسته، وتأتي باقي مراحل برنامج الأثنى عشر، وتتضمن اعتذار الشخص المتعافي لكل شخص لحقه أذى أو ضرر جراء إدمان هذا الشخص خلال فترة إدمانه، سواء أكان قريبًا منه أو بعيدًا، وبعدها يقوم بالمواظبة على الجلسات العلاجية الجماعية، وعند التأكد من تعافيه تمامًا يتحول هو نفسه إلى شخص داعم لباقي المدمنين الذين يريدون التعافي، لأنه أدرى الناس بحالتهم واحتياجاتهم، كما أنهم يكونون مصدرًا لدعمه في عدم التفكير في تعاطي المخدرات مرة أخرى.

مراحل العلاج داخل مستشفى الامل:

يقول الدكتور أحمد خالد أستاذ الطب النفسي الإكلينيكي والمتخصص فى علاج الادمان، أن رحلة علاج الادمان داخل مستشفى  الامل، تبدأ بتوفير كافة الأجواء النفسية والعلاجية من خلال الطاقم الطبي المتخصص، والذي يحرص فى المقام الأول على راحة المريض، والسرية التامة.

عمل الفحوصات والتحاليل اللازمة للشخص المتعاطي للمخدرات تكون بوابة العبور للمرحلة الثانية من مراحل علاج الادمان، وتتم عملية التشخيص والتقييم داخل مراكزنا لضمان جودة النتائج، وتحديد كيفية التعامل مع نوع الادمان سواء أكان الحشيش، الترامادول، الأفيون، الكوكايين، الهيروين، الاستروكس، الفودو، الشبو، الكريستال ميث، الكبتاجون، المورفين، الكيميكال، الليريكا، الكحول أو الخمور، أو أي نوع آخر من أنواع المخدرات.

بعد عملية التقييم والتشخيص، يتم وضع برنامج مناسب لحالة المريض، ومن هذه البرامج، برنامج الإقامة الكاملة للرجال، الإقامة الكاملة للسيدات، نصف الإقامة، النالتريكسون، برنامج الـ28 يوم، برنامج طرد سموم سريع، ويتم بعدها وضعه تحت المرحلة الثانية من مراحل العلاج على الادمان، وهى مرحلة أعراض الانسحاب، ويتخلل تلك المرحلة سحب أو طرد السموم من الجسم، ويتزامن معها إعطاء المريض أدوية مساعدة وعقاقير طبية لتقليل أعراض الانسحاب الناجمة عن عملية إزالة السموم من جسم المتعاطي.

بعد هذه المرحلة يكون للمريض موعد مع التأهيل النفسي أو ما يسمى مرحلة إعادة التأهيل، وتتم تحت إشراف طبي من خلال استشاريين وأخصائيين نفسيين على أعلى مستوى، يقومون من خلال تخصصهم بخلق بيئة جديدة للمريض، وإعادة تأهيله نفسيًا وسلوكيًا داخل بيوت إعادة التأهيل الخاصة بـ مستشفى الامل للطب النفسي وعلاج الادمان، وتعليم المريض مهارات حياتية وعملية جديدة من خلال استخدام أدوات وأساليب ممزوجة بتجارب بعض المرضى من خلال عمل “جروبات”، وهو ما يسمى العلاج الجمعي أو الجماعي، أو من خلال جلسات العلاج الفردي.

بعد هذه المرحلة يكون المريض على جاهزية تامة لمرحلة تالية، وهى مرحلة المتابعة الخارجية، التى يتعرض فيها المريض للمساعدة والدعم النفسي المباشر، لمواجهة أو وضع وقاية تحميه من خطر الانتكاسة، والعودة للادمان على المخدرات من جديد.

 

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!

أضف تعليقك

حقول مطلوبة *



×