أحسست بهدوء يكاد يتوقف له الزمن.
هناك زحمة من الأفكار تتواتر على عقلي، ولا استطيع ترتيبها، بل لا أعرف من جاءت.
حاولت أن أتدارك نفسي حتى لا ألفت نظر أحد من عائلتي أنني غير متزن، ولكن ماذا افعل، فعيناي أصبحتا محمرتين، وأحس برعشة في أطرافي، لكنني أشعر بشعور غير مفهوم، فتارة أشعر أنني في قمة السعادة، وتارة اخرى اشعر بحزن شديد غير مبرر .. ماذا فعلت بنفسي .. هل كل هذا الارتباك سببه تلك السيجارة التي اعطاني ايها صديقي ..؟!
اتصلت به ..
ألو .. حازم ايه الاخبار؟
تمام يا زميلي .. انت دماغك عامله ايه؟
ما انا بتصل بيك عشان اعرف دماغي مالها؟
ههههههههه ايه حاسس بإيه؟
مش عارف .. شوية حاجات كتير مش عارف اعبر عنهم .. هو دا ايه دا يا حازم يخربيتك؟
يبني دي الدماغ العالية .. اعمل كوباية شاي زيادة واشربها وهتدعيلي.
ماشي .. بس انا خايف حد ياخد باله.
متخفش .. انت بس خليك في اوضتك واشرب الشاي وفكك من اللي حواليك ..ماشي .. سلام ..
خرجت من غرفتي بعدها للمطبخ ، وليتني لم اخرج فحينما دخلت المطبخ كانت والدتي تعد الطعام، واحسست ان الالوان بدأت تتداخل في بعضها البعض اغمضت عيني عدة مرات وفتحتها، ولكن الامر يزيد، وبدأت اشعر بدوخه ولم اركز في ان والدتي تنظر لي وتسألني .. ماذا بك ؟
خرجت الى غرفتي واستلقيت على سريري حيث احسست ان برأسي طنين عالي، وكأن فيها مئات الاصوات ، فتارة احس ان هناك من يتحدث معي، او ان باب غرفتي يفتح ويدخل علي اخي الصغير .. فأفتح عيني فأجد أنني لوحدي، وبعد عدة دقائق وجدتني اغط في نوم عميق.
استيقظت لا اعرف كم من الوقت مضى علي وانا نائم ، ولا كيف نمت ولكني اشكوا صداعاً قوياً في رأسي.
إذا .. هذا هو تأثير الحشيش وما يفعله .. لكنه ليس سيئاً كما يقول أبي وهو يحذرني من أصدقاء السوء الذين يتعاطونه، هو مجرد احاسيس مرتبكة وعدم إدراك للوقت، ويتسبب في نوم عميق في النهاية .. ممتاز .. هذا ما اريده .. فإنني إن شربت نصف السيجارة لن تكون هذه الأحاسيس مبالغ فيها وسوف اكون معتدل المزاج.
بهذه التبريرات .. اقنعت نفسي انه لا مشكلة اطلاقاً من شرب الحشيش في المناسبات ولكنني سوف اركز على ان يكون بدرجة ضعيفة حتى لا أفقد تركيزي كما حدث معي في المرة الاولى ..
وجاءت مناسبة تلو مناسبة تلو مناسبة حتى وجدتني أحمل الحشيش معي، وبعد أن كنت اعتمد على صديقي حازم في لف سجائر الحشيش، تعلمت كيف يمكنني لف السجائر، لم اكن ألفها بشكل جيد ولكنها كانت تؤدي الغرض.
وصدفة قابلت أحد الأصدقاء، فأخرج سيجارة الحشيش واخذنا نتبادل انفسها، ثم وجده يخرج بعض الحبوب من جيبه ويعطيني واحدة ويقول “خد جرب دي هتعلي معاك اكتر واكتر” ودون تفكير .. أخذتها منه وابتلعتها مباشرة .. وبعد ربع ساعة أحسست بأن هناك قوة تجعلني أتحكم في أطرافي أكثر، بل انني راودني شعور بأن باستطاعتي فعل اي شيء يحتاج مني مجهوداً عضلياً .. فسألت صديقي عن اسم هذه الحبوب ، فقال لي ان اسمها “تامول اكس 200” سألته أيضاً اين اجدها فأخبرني أنها في الصيدلية الفلانية، اذا اردت ان اطلب المزيد، ولكن علي ان اخبر الصيدلي انني صديق فلان، وحينها سوف يعطيني ما أريد.
وجدتني .. أركز دائماً في أن أوفر لنفسي يوميا الحشيش والترامادول الذي يلزمني، ومن ثم اوفر اي شيء اخر بل اني مع الوقت، تحول اهتمامي بالحشيش و التامول فقط، فهما أصبحوا محور حياتي .. أبحث عنهم دائماً .. واحرص على توفيرهم.
أهملت دراستي وبدأت تظهر علي آثار هزال فلم تعد عاداتي الغذائية كما كانت لدرجة انني قد يمر اليوم كله ولا اتناول شيئاً الا القليل من أجل تناول التامول.
بدأت معدتي تؤلمني .. فتجاهلتها .. ولكن الالم زاد أكثر من اللازم .. فذهبت لأحد الأطباء فطلب مني بعض الفحوصات، وحين قمت بها .. اخبرني انني اعاني من قرحة ولابد من عملية، ولكني تجاهلت ايضاً تحذيراته من اظل مكملاً في تعاطي الادوية من دون طعام ووجدتني لا استطيع التوقف عن التعاطي، حتى في احد الليالي استيقظت على ألم مبرح غير عادي، فأخذني والدي ل مركز علاج ادمان، وبعد الكشف علي، اخبر الدكتور والدي انني تعاطي نوع دواء معين هو السبب فيما أنا فيه، فسألني والدي وألح علي ولشدة الألم اخبرته اني اتعاطى تامول .. فظل ينظر والدي الى في صدمة شديدة، ثم جلس أمامي، وهو صامت، ثم قام من عندي، بعد ان اطمأن من الطبيب انني في حالة جيدة، ثم عاد وأخبرني أنه قرر أن يدخلني مصحة لـ علاج ادمان الحشيش ولم يكن لدي خيار آخر.
مستشفي الامل للطب النفسي وعلاج الادمان “أينما تجد الأمل.. تجد الحياة”