كشفت المداهمات لأوكار بعض التنظيمات الإرهابية عن وجود علاقة وطيدة بين الجهاديين والمخدرات، حيث أصبحت المخدرات الباب المشروع لجنى ملايين الدولارات طبقًا لأفكار تلك التنظيمات ومرجعياتهم، خاصة فى الاتجار والتهريب والتربح، بداعي تسليح وتمويل تلك الجماعات لتحقيق أهدافها الخسيسة.
وقال مايكل براون٬ مدير العمليات في “دائرة فرض القانون الأمريكي” في محاضرة له في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” بأن العلاقة تتوثق بين المخدرات والإرهاب٬ وتنمو بسرعة متزايدة٬ وقد لا يكون هذا بالأمر الجديد، فعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية٬ تَّم التعرف على روابط عديدة بين المخدرات والإرهاب.
بينما كشفت تقارير أن تنظيم القاعدة فرض رسمًا بقيمة 2000 دولار على كل كيلوجرام من المخدرات يجري تهريبه، وتوفير مرافقة مسلحة لتجار المخدرات عبر الصحراء.
أما موضة “تجنيس المهربين” تدق أبواب بعض الدول وعلى رأسها قطر.
لكن هناك زاوية أخرى قد نتبناها من باب التخصص، وهى المخدرات والإرهاب، والكشف عن دول عربية وخليجية جعلت من حدودها مرتعًا للمهربين وتجار السموم، وأصبحت تلك التجارة مصدرًا لتمويل الجماعات الإرهابية المسلحة.
نحاول أن نقف على بعض الحقائق من خلال السطور القادمة لنضعها بين يدى القارئ.
قطر تجنس مهربي المخدرات:
فى واقعة غريبة لا تخطر على بال أحد، تناقلت وسائل الأنباء فى الأيام الأخيرة أن مصادر كشفت أن قطر قامت بتجنيس 30 عنصرًا من أكبر مهربي ومروجي المخدرات في المنطقة الواقعة بين منطقة صعدة اليمنية ومنطقة نجران السعودية.
وأن قطر لم تكتف بدعم عناصر تنظيم القاعدة والتشكيلات الإرهابية باليمن، إنما استهدفت عقول الشباب العربي بتدميرها بالمخدرات من أجل السيطرة عليها.
وذكرت وسائل إعلام أن الهدف من قيام قطر بتجنيس مهربي ومروجي المخدرات، يتلخص فى استهداف شباب المملكة، وضمان ولاء تجار السلاح والمخدرات، وتوظيف أبنائهم بالجيش القطري، وتشكيل نقاط إيذاء للسعودية بحسب رأى بعض المحللين.
إيران تصدر الاضطراب النفسي:
المجتمع الإيراني هو الآخر لم يسلم من الوقوع فى براثن التعاطي، الادمان، والاتجار فى المخدرات، وتنتشر المخدرات فى إيران بشكل كبير، وتعتبر المخدرات الأكثر تعاطيًا، الميثامفيتامين، والأفيون، والهيروين، والحشيش، وهناك أنواع من المخدرات الصناعية تروج لها مافيا المخدرات كدواء لجميع أنواع الأمراض، مثل: التوتر، والاضطراب النفسي، والسمنة، ونحافة الجسم، وتحسين البشرة وعلاج الضعف الجنسي على حد سواء.
ويصل عدد مدمني المخدرات ومتعاطيها إلى أكثر من مليوني شخص في إيران، وفق الإحصائيات الحكومية، غير أنه من المتوقع أن يكون الرقم ضعف الرقم الحالي، خاصة أن ظاهرة الإدمان في ارتفاع مستمر في المجتمع الإيراني، رغم محاولات النظام علاج الادمان، إلا أن إهمال الحلول الجذرية لمشكلة المخدرات جعل كل هذه المحاولات فاشلة.
الجريمة الإرهابية العابرة للحدود والمخدرات:
تطور الجريمة الإرهابية العابرة للحدود هو فكر استجد على الإرهاب العالمي، وخطوة أكثر خطورة، وفي هذا السياق يقول مايكل براون مدير البرنامج المساعد ورئيس العمليات في إدارة مكافحة المخدرات الأميركية من انه وعلى (مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية – 1983/ 2008 – كانت هناك روابط عديدة بين المخدرات والإرهاب، فمن بين المنظمات الثلاث والأربعين المعرّفة رسميًّا كمنظمات إرهابية أجنبية، وجدت إدارة مكافحة المخدرات أن تسع عشرة منها ترتبط بشكل أو بآخر بتجارة المخدرات العالمية، وتعتقد الإدارة أن ما يصل إلى 60% من المنظمات الإرهابية ترتبط بالتجارة غير المشروعة بالمخدرات)، كما يعتقد الكثير من المحللين والمراقبين الدوليين أن المنظمات الإرهابية قد أخذت عن “كارتلات” المخدرات الدولية تنظيمها الداخلي واعتمادها على هياكل لا مركزية من الخلايا.
المخدرات مصدر قوة للإرهابيين وربح للجهاديين:
بؤر التطرف كما يصفها الأكاديميون، والتى تكون منتشرة بشكل خاص في المجتمعات المهمشة اقتصاديًا، هو النوع الذي ينتج عنه نصيب الأسد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الأوروبيين، ولذلك، فحقيقة أن تقريبا جميع الذين قاموا بتنفيذ هجمات مستوحاة من تنظيم الدولة أو موجهة للغرب خلال العامين الماضيين، كان لديهم تاريخ موثق من تعاطي المخدرات.
غير أن ما قد يثير الدهشة هو أن المزيد والمزيد من الجماعات الإرهابية، بما في ذلك أولئك الذين يستخدمون ستار الإسلام لتبرير أعمالهم التخيلية العنيفة، لا يدعمون أنشطتهم بالإيرادات الناتجة عن تجارة المخدرات فحسب، بل يمدون جنودهم أيضًا، في بعض الحالات، بمواد مسكرة والتي تأتي من بعض المخدرات الخطرة.
وقد تم استخدام كلمة “مسكرة” لأغراض متعددة لأن القرآن واضح للغاية في إدانته لأي مادة تسبب حالة سكر.
تنظيم القاعدة وداعش يتاجرون فى المخدرات:
التنظيمات الإرهابية، والتى هددت العالم على مدار عقود طويلة، على رأسها تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة وحزب الله وحركة طالبان، من بين آخرين، يتحركون بشكل أقرب وأعمق نحو تجارة المخدرات.
وتفيد إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية أن عدد المنظمات الإرهابية الأجنبية المشاركة في تجارة المخدرات العالمية قد فقز من عدد 14 مجموعة في عام 2003 إلى 18 مجموعة في عام 2008.
قال مايكل براون، الرئيس السابق للعمليات في إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، “إن العلاقة بين المخدرات والإرهاب تتزايد بسرعة ضئيلة”.
وأضاف براون، “إن هذا لا يعد اتجاها جديدا، فقد تم تحديد العديد من الروابط بين المخدرات والإرهاب على مدار السنوات الـ25 الماضية”.
ويعتقد براون أن حوالي 60 في المائة من المنظمات الإرهابية على صلة بالاتجار غير المشروع بالمخدرات.
ويكليكس يفضح أكبر مركز تهريب عالمي:
نشر موقع “ويكيليكس” برقية سرية بتاريخ 12 يونيو 2009، صدرت عن السفارة الأمريكية في باكو، هذه البرقية تؤكد أن إيران تعتبر من أكبر مهربي المخدرات في العالم، فهي أكبر مشترٍ للأفيون الأفغاني، وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم بحسب رواية الدبلوماسيين الأمريكيين، ويأتي 95% من الهيروين في أذربيجان من إيران، في حين تصدر الكمية نفسها من أذربيجان إلى السوق الأوروبية.
كما أن إيران تستخدم نفوذها في العراق، بحسب تصريحات مدير اللجنة الوطنية العراقية لمكافحة المخدرات، من أجل تصدير المخدرات إلى دول الجوار وخاصة دول الخليج العربي، وبقية دول العالم وإلى أوروبا، وبمساعدة ضباط الحرس الثوري الإيراني، إذ تؤكد هذه التصريحات أن إيران تحولت إلى عاصمة ومركز للتهريب على مستوى العالم فهي تربط بين مزارع الإنتاج في أفغانستان، وأسواق الاستهلاك في الدول الأخرى، مستغلة دول الجوار في عمليات التهريب، خاصة أذربيجان والعراق ودول الخليج العربي.
إحباط محاولات التهريب للخليج:
السعودية:
كما أعلنت الداخلية السعودية في أبريل 2014، إحباط محاولتين لتهريب 22 مليوناً و85 ألفاً و570 قرص أمفيتامين، تقدر قيمتها السوقية بمليار و38 مليوناً و21 ألفاً و790 ريالاً.
الإمارات:
من جهتها أعلنت الإمارات في ديسمبر/كانون الأول 2015، ضبط باخرة إيرانية حاول قبطانها تهريب كمية كبيرة من المواد المخدرة وشخصين يحملان الجنسية الإيرانية عبر ميناء خالد البحري بإمارة الشارقة.
الكويت:
الكويت أحبطت في أكتوبر 2014، تهريب 5 ملايين حبة مخدرة، كان سيتم توزيع نصفها في الإمارات، والنصف الآخر يتوجه إلى السعودية.
سوريا ترفض المخدرات:
رغم ويلات الحرب التى يعايشها الشعب السوري، إلا إنه عُرف عن الشعب السوري رفضه التام للمخدرات، وعدم تقبله لها في عاداته وتقاليده الاجتماعية، لكن الموقع الجغرافي لسوريا بين دول الإنتاج ودول الاستهلاك جعل منها ممرا لتهريب المخدرات، ونقلها بين الدول، ما خلف وراءه قدرا من التعاطي والإدمان وإساءة استعمالها.
وتجدر الإشارة إلى أن سورية تعتبر نظيفة تماما وباعتراف المجتمع الدولي بكافة دوله ومنظماته من زراعة وصناعة المخدرات بكافة أشكالها.
قبل الأزمة تميزت سوريا بنبذ المخدرات زراعة وتجارة واستهلاكا، ولم يمثل حجم الاتصال غير المشروع بالمواد المخدرة يومًا من الأيام، ظاهرة مرضية في سوريا.
وقائع إرهابية:
حادث الدهس فى برلين:
نوع المخدر الذى تعاطاه منفذ الهجوم: الحشيش، الكوكايين.
تفجيرات مطار أورلي بفرنسا:
نوع المخدر الذى تعاطاه منفذ الهجوم: الكحول، القنب، الكوكايين.
فيما كشفت العديد من تقارير الطب الشرعي الدولية أن غالبًا ما ينفذ الانتحاريين هجماتهم تحت تأثير تعاطي كميات كبيرة من المخدرات أو تناول الكحوليات.
مخدرات الجهاديين:
كشفت صحيفة “لونوفل أوبسرفاتور” الفرنسية، فى سياق تحقيق لها، أن مقاتلي التنظيمات الجهادية لا يتوخون حذرًا من تعاطي المخدرات بكافة أنواعها، لكنها أشارت أن مخدر الكبتاجون يعد مصدر الدخل الأول لهذه التنظيمات، وليس داعش فقط.
وأوضحت الصحيفة بين سطور التحقيق أن سوريا والعراق ينتشر فيها حبوب الكبتاجون بين صفوف المقاتلين.
أما صحيفة “لافانغوارديا” الإسبانية فقد كشفت على صدر صفحاتها عن ما يسمى “حشيش الجهاد”، وأنه يعتبر أحد أهم مصادر تمويل الجماعات الإرهابية والمسلحة فى الشرق الأوسط، ومنطقة شمال إفريقيا.
بينما نشرت الـ”صنداي تلغراف” البريطانية، تقريرًا في 2013 حول علاقة تنظيم القاعدة بتجارة المخدرات أكدت فيه أن تجارة المخدرات تدر ملايين الدولارات سنويا على تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” الذي يوفر الحماية لمهربي الكوكايين عبر الصحراء الإفريقية، وأوضحت الصحيفة أن عصابات المخدرات في أمريكا الجنوبية نقلت عمليات تهريب الكوكايين إلى الأسواق الأوروبية من الطرق القديمة عبر منطقة الكاريبي إلى طرق في غرب إفريقيا تخضع لسيطرة تنظيم القاعدة والجماعات “الإرهابية” المتحالفة معه.