عندما تُذكر كلمة الادمان تذهب عقولنا إلى الادمان على الكحول أو المخدرات، لكن هناك نوع آخر من الادمان لا يقل خطورة على الصحة!
الغذاء ضروري، وهو وسيلة من أجل البقاء، لكن هناك أشخاص حولوا الغذاء إلى وسيلة للموت أنهم يشعرون بالضعف إزاء الطعام، سلوكهم نحو الطعام تحكمه القابلية والرغبة، وليس الجوع، والكثير منهم فقد قدرته على التحكم بكمية الطعام التي يجب تناولها فيصابوا بالادمان على الطعام، وهو حالة خطيرة جدًا لها انعكاسات سلبية على الصحة، مثل الإصابة بالسمنة والسكري وأمراض القلب والشرايين وغيرها.
كما أن مصطلح ادمان الطعام يعتبر من المصطلحات الجديدة نسبيًا في عالم علاج الادمان حيث تختلف عادات الطعام في مختلف أنحاء العالم، ويعتقد معظم الناس أن ادمان الطعام لا يمكن أن يكون بسوء ادمان الكحوليات أو المخدرات، وكلاهما قد يحتاج إلى الاستعانة بـ مركز علاج ادمان متخصص او مستشفى علاج ادمان متخصصة، غير أن تأثير ادمان الطعام على المدمن يمكن أن يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية، بالإضافة إلى تدمير حياة الشخص بالكامل، تمامًا مثل أي نوع آخر من أنواع الادمان.
ادمان الطعام هو ادمان عادة أو عملية، تتسم بالإفراط في استهلاك الطعام – عادة ما تكون أطعمة عالية الدهون أو السكريات – ويعتاد عليها الشخص بالرغم من الآثار السلبية لهذه العادة.
فعندما ينغمس الشخص في تناول الأغذية ذات السكريات العالية، أو الدهون، أو كلاهما معًا وهو أسوأ بالطبع، فإن ذلك يحفز نظام المكافأة بالمخ بطريقة مماثلة تمامًا كالتي تحدث في حالة تعاطي المخدرات، فعندما يتناول الشخص طعامًا معينًا يتم إفراز “الدوبامين” بصورة كبيرة مما يجعل المخ في النهاية يبحث فقط عن هذا النوع من الطعام المليء بالدهون والسكريات، ويُدمن الشخص الأحاسيس الجيدة المقترنة بهذه الأنواع من الطعام، ويصبح من المستحيل عليه رفض شريحة من كيك الشيكولاتة تمامًا مثلما لا يستطيع مدمن الكوكايين رفض كمية من الكوكايين مُقدمه له.
التعريف العلمي لادمان الطعام:
النهام العصبي أو النُهامٌ العُصابي أو بوليميا أو الشره العصبي أو الشره المرضي العصبي، هو أحد اضطرابات الأكل يتسم بنوبات متواترة من الإفراط في الطعام تسمى نوبات الأكل الشره أو نوبات الدقر (Binge eating) تتبع بتصرفات تعويضية معدلة يُشار إليها بـالتطهير أو التفريغ، أكثر النماذج شيوعًا من هذه التصرفات في نسبة تفوق 75% من الأشخاص المصابين بمرض الشره العصبي: التقيؤ الذاتي (أي الذي يسببه الشخص لنفسه)، والصوم, واستخدام المسهلات (الملينات) والحقن الشرجية والأدوية المدرة للبول، كما أن الرياضة المفرطة شائعة أيضًا.
أسباب ادمان الطعام:
يتعلق النهام بقضايا نفسية عميقة وبالشعور بفقدان السيطرة، ويتبع المعانون من النهام هذا الأسلوب من الأكل ليشعروا بأنهم يسيطرون على حياتهم، قد يخفون الطعام ويخزنوه ويفرطون في تناوله عندما يشعرون بالغضب أو الضغط النفسي، خلال نوبة الدقر يشعرون بأنهم يفقدون السيطرة على أنفسهم، ويستهلكون كميات هائلة من الطعام تزيد على 20 ألف سُعر حراري.
كما أنه من الأسباب التى تجعل الشخص يفرط فى تناول الطعام:
1. التوتر:
التوتر يجعل بعض الناس بحاجة للطعام لاستعادة الطاقة التي استنفذت خلال اليوم، وكذلك الرغبة في التخلص من المشاعر المزعجة، لأن الانشغال بالطعام يطرد هذه الأفكار، وتسمى هذه الحالة بالأكل الانفعالي.
2. القلق والغضب والشجار:
تسبب هذه المشاعر حالة نفسية تدفع الشخص لتناول الطعام لشغل الذهن والتنفيس عن الغضب.
3. الإحساس بالضجر:
فترات الفراغ الطويلة خلال اليوم والإحساس بالوحدة، وقلة الأصدقاء يجعل من الطعام خير صديق لبعض الأشخاص الذين يلجئون إلى الطعام للتغيير أو الهروب من بعض الظروف، أو مشاعر الإحباط، والإحساس بالذنب والاكتئاب.
4. مرض السكري:
أمراض السكري من النوع الأول، الثاني، وسكري الحمل، أو بسبب نقص مستوى السكر بالدم.
5. تناول الأدوية:
تناول بعض أنواع الأدوية مثل مضادات الاكتئاب والكورتيزون الذي يضاد هرمون الأنسولين في أداء وظائف، ومنها إدخال السكر الموجود بالدم إلى الخلايا مما يجعل الخلايا تنبه الجهاز العصبي لحاجتها للسكر، فيكون رد فعل الجهاز العصبي أن يزيد من شهية المريض للطعام، ويستمر التنبيه ويستمر المريض بالأكل دون أن يصل السكر للخلايا، وهكذا.
أعراض الادمان على الطعام؟
هناك عدة أعراض تظهر على الشخص المدمن على الطعام.. وتتوافر تلك الأعراض عند كل الفئات العمرية، ومنها:
1. الشعور بالانزعاج والذنب عند تناول الطعام.
2. تناول كل الطعام الموجود في الطبق.
3. تناول الطعام بصورة سريعة.
4. يعيش أحلام اليقظة، أو يشعر بالقلق أثناء تناول الطعام.
5. يتناول الطعام بشراهة ونهم، خاصة بعد ممارسته حمية غذائية.
6. تناول الطعام لأجل التخفيف من القلق والتوتر.
7 الإصابة بزيادة الوزن والسمنة.
8. التفكير في الطعام الذي ستأكله في وقت لاحق، وأنت تأكل الآن.
9. لا يمكنك المرور بجانب طعام معين في الدكان دون أن تشتريه، رغم أنك ذاهب لشراء شيء آخر.
10. أن تكون عاداتك الغذائية، أو مشترياتك المفضلة معروفة لدى البائعين في الدكان الذي تشتري منه.
11. أن تأكل من الحلوى أو الخبز الذي اشتريته فور وصولك إلى البيت، دون انتظار تحضير المائدة.
12. أن تأكل الطعام الذي تشتهيه فور شرائه، سواء كنت في السوبر ماركت، أو السيارة، أو على الطريق.
13. أن تعود إلى المطبخ مرة بعد الأخرى لأكل بعض من الطعام المتبقي، إلى أن ينتهي ما تبقّى بكامله.
14. أن يزيد حجم ما تأكله باستمرار، أو يتكرر بند معين من الطعام على مائدتك رغم التحذير من تأثيره على زيادة الوزن أو على صحتك.
أضرار ادمان الطعام:
عندما يدمن الشخص على الطعام فإنه يعلم أنه يأكل أكثر مما يحتاج لإشباعه ولتغذيته بصورة طبيعية، ولكنه لا يستطيع التوقف بالرغم من الآثار السلبية البدنية والاجتماعية والنفسية التي يسببها إدمان الطعام، والتي تتلخص فيما يلي:
الآثار البدنية:
1. البدانة.
2. ارتفاع نسبة الكولسترول.
3. مرض السكري.
4. أمراض القلب.
5. ارتفاع ضغط الدم.
6. مشاكل التنفس أثناء النوم.
7. أمراض الكلى.
8. التهاب المفاصل.
9. السكتة الدماغية.
10. هشاشة العظام.
الآثار السلبية الاجتماعية والنفسية:
1. الشعور بالخزي والذنب والاكتئاب بسبب الشعور السيئ حيال عادات الطعام.
2. الشعور بفقدان الأمل مما قد يؤدي إلى أفكار انتحارية.
3. تجنب الظهور في المناسبات الرسمية أو الاجتماعية خوفًا من الأكل بكثرة أمام الآخرين.
4. تفاقم المشاكل في العمل أو المدرسة بسبب تناول الطعام.
5. اعتياد أكل الطعام بدلاً من قضاء الوقت مع العائلة، أو ممارسة الأنشطة الإبداعية.
كيف تواجه الادمان على الطعام؟
أن هدف علاج الادمان على الطعام هو التخلص أو الوقاية من تبعاته الصحية الخطيرة، تغيير شيء تعودت عليه ليس سهلاً.. وسوف يتطلب مزيجًا من الانضباط، وعادات الأكل الصحية، وممارسة الرياضة.
فى نواح كثيرة، وعلاج الادمان على الطعام يشبه الادمان على المخدرات والكحول، و تتم معالجة هذه النوع من الادمان بعلاج أسبابه بعد تشخيصها جيدًا من فريق من المختصين وفق برامج تحتاج إلى المتابعة والتقييم المستمر، حيث تتركز برامج العلاج على الجانب السلوكي.
نقدم هنا بعض النصائح التي سوف تساعدك للتخلص من حالة الادمان على الطعام منها:
1. زيارة الطبيب.
2. الحصول على مشورة من طبيب واختصاصي تغذية لوضع نظام غذائي ملائم لصحتك.
3. استبدل طعامك.
4. حدد الأطعمة التي تستهلكها بكثرة واستبدلها بأطعمة منخفضة السعرات، مثل الحليب الخالي الدسم بدلاً من الايس كريم الكاملة الدسم، أو كيس من رقاقات البطاطس المشوية بدلاً من البطاطس المقلية.
5. اللحوم المشوية بدلاً من المقلية، أشرب العصائر الطازجة بدلاً من العصائر المحلاة، شرب المشروبات الغازية منخفضة الطاقة بدلاً من المحلاة.
6. نظم أوقات وجباتك.
7. تناول 3-4 وجبات خفيفة بدل وجبتين كبيرتين، وركز على تناول الأغذية الغنية بالألياف، لأنها تعطي إحساس بالشبع سريعًا ولا تنسى الإكثار من شرب المياه، لأنها تساعد على ضبط إيقاع الشعور بالجوع.
8. برمج حاسة الذوق.
9. واظب على تناول الفواكه والخضراوات التي بها روائح زكية للتخلص من تأثير روائح الأغذية الحلوة التي تدفعك لتناولها بكثرة.
10. قلل حجم طبقك.
11. استخدم أطباق صغيرة لتناول الطعام بدلاً من الأطباق الكبيرة.
12. مارس الرياضة.
13. حاول إشغال الوقت الذي كنت تقضيه بتناول الطعام والتسوق بممارسة الرياضة.
14. استخدم غسول مطهر، مثل “يسترين” للغرغرة، والذي يحتوي على مواد تساعد على إشباع رغبتك بتناول الطعام، وهذه طريقة تستخدم لإطفاء الشعور بالجوع الجسدي.
علاج ادمان الطعام:
بداية.. بعض النصائح لمحاصرة ادمان الطعام:
1. عدم تركيز أو تمحور المناسبات والاحتفالات على الطعام، وتغير محورها ليصبح تزيين الغرفة بديكورات مميزة، أو أماكن جلوس الضيوف، أو الموسيقى التي سيتم الاستماع إليها والإضاءة.
2. عند الذهاب إلى المطعم عليك التفكير فيه باعتباره امتدادًا لمطبخك، مع فرق أن شخصًا يقوم بإحضار الطعام إليك، وغسل الصحون بدلًا منك، في بيتك لن تتناول عصائر في كل مرة تأكل فيها، ولن تتناول كل الموجود في سلة الخبز والزبد، ولن تتناول حلويات بعد الانتهاء من الطعام الرئيسي، وربما لن تشرب قهوة بعد نهاية الوجبة.
3. من أهم علامات مدمني الطعام أنهم مثاليون في تحضير المائدة أو في الطبخ وتحضير الأكلات المميزة، ينطبق ذلك كثيرًا على الأمهات، اللاتي عليهن تذكر أن المثالية لا وجود لها، وأنه لا بد عند التسوق مثلًا من تحديد الهدف، وعدم الخروج عن قائمة المشتريات.
4. من المفيد أيضًا تسجيل قائمة الطعام التي تناولتها، والتعرف على وزنك بشكل دوري، كل يوم أو اثنين، لمعرفة تأثير الطعام على الوزن على الفور، سيساعد ذلك على استعادة السيطرة، مراجعة السجل الغذائي لأطعمة العشاء التي تناولتها خلال الأسبوع الماضي، ستكشف لك كم ما تناولته دون أن تكون جائعًا بالفعل.
5. أخيرًا، تناول الطعام ببطء، ومضغه ببطء، وحاول الاستمتاع بمذاقه لأقصى حد ممكن مع التمهل، وقم باختيار أطعمة متنوعة، وغير طريقة تحضير الطعام لكسر أي علاقة ادمان قائمة.
من طرق علاج ادمان الطعام أيضًا:
يعتبر كلاً من العلاج داخل المراكز الطبية، والعلاج خارجها من الخيارات المتاحة لعلاج ادمان الطعام، ولكن العلاج داخل المراكز الطبية تسهل من عملية الشفاء.
في طريقة العلاج خارج المراكز الطبية يمكن للمرضى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، مثل المكوث في منازلهم والذهاب إلى أعمالهم، ويتم مراجعتها بضعة مرات خلال الأسبوع من خلال مركز العلاج لتقديم المشورة، ولكن لإمكانية الحصول على الطعام في كل مكان، يعتبر العلاج خارج المراكز الطبية في منتهى الصعوبة بالنسبة لبعض مدمني الطعام.
على النقيض، يحمي العلاج داخل المراكز الطبية المريض من كل إغراءات الطعام أثناء فترة العلاج، ففي هذا النوع من العلاج يتم تقديم وجبات صحية للمريض كل يوم مما يسهل عملية الشفاء.
مميزات علاج إدمان الطعام داخل المراكز الطبية:
يختار العديد من مدمني الطعام العلاج داخل المراكز الطبية للأسباب الآتية:
1. الابتعاد عن الإغراءات الخارجية:
فكما ذكرنا من قبل أن الأشخاص الذين يعانون من ادمان الطعام يجدون المغريات في كل مكان، فقطع الحلوى موجودة بجانب الكاشير في الصيدلية، والمخبز بجانب المنتجات الطازجة في السوبر ماركت، ومحلات ماكدونالد في كل مكان، فبذلك تكون إقامة المريض في مركز إعادة التأهيل من العوامل التي تساعد في إبعاده عن المغريات.
2. العلاج البدني:
يعتبر العلاج البدني جزء لا يتجزأ من علاج الإدمان داخل المراكز الطبية وخاصة لمن يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، فأن تبدأ ببرنامج للياقة البدنية بمفردك يعتبر عملية شاقة، ولكن عند إتمام العلاج داخل المركز ستجد من يتابعك ويدعمك في كل خطوة من خطوات برنامج اللياقة البدنية.
3. جلسات العلاج الفردية والجماعية:
إن استخدام كلا من جلسات العلاج الفردية والجماعية يساهم بشكل أساسي في عملية الشفاء، فهي تعطي الفرصة للمدمنين لاكتشاف الأسباب العميقة لحالة الإدمان التي أصابتهم وكذلك التعلم من تجارب الآخرين الذين يخوضون نفس التجربة.
4. الخصوصية:
تتمتع كل أنواع العلاج داخل المراكز الطبية بالخصوصية.
5. ضغوط أقل:
في مراكز إعادة التأهيل لا يتم الاهتمام بأي شيء سوى التركيز على العلاج، فلا وجود لضغوط العمل أو ضغوط الأسرة أو غيرها، وبالتالي فهي نقطة ممتازة للتركيز على العلاج من ادمان الطعام وبناء حياة صحية.
رأى الطب النفسي:
يقول الدكتور أحمد المسيري استشاري الطب النفسي وعلاج الادمان عضو الكلية الملكية للأطباء النفسيين، أن اضطرابات الاكل تنشأ نتيجة مشكلة فى فكر الشخص عن شكله أو حجمه، ولديه مشاكل فى التحكم فى الشهية، إما أن يكون “شديد جدًا”، أو “ضعيف جدًا”، واضطرابات الاكل عبارة عن “طيف” تبدأ بفقد الشهية العصبي، ويعاني منه السيدات بصورة أكبر، لأنها تدخل فى نوبة من فقدان الشهية، لاقتناعها بأن “وزنها زيادة”.
أما نوبات النهم، حيث يفقد الشخص السيطرة على شهيته، ويتناول الاكل بشراهة فى فترة قصيرة، ويتطور هذا المرض إلى نوبات النهم العصبي، ويشعر بالندم لزيادة وزنه، ويعاود البحث عن وسيلة لتقليله.
أما السمنة تعتبر الآن مرض نفسي، وليست مشكلة هرمونات فقط، لأن مشكلتها تقع فى عدم السيطرة على الشهية فى الاكل، وبالتالي الشخص يتناول وجبات بين الوجبات الأساسية، ويدخل فى مشكلات صحية نتيجة السمنة من ضغط وسكر وقلب وخلافه.
اضطرابات الاكل يأتي معها أمراض نفسية خطيرة، منها الاكتئاب، التوتر، الوسواس القهري، اضطراب ثنائي القطب، اضطراب الشخصية، فلابد من تشخيص الحالة ووضعها تحت برنامج علاجي مناسب.
علاج اضطرابات الاكل يعتمد على العلاج المعرفي السلوكي، وتغيير نمط وسلوك المريض، وهناك أدوية خاصة بعلاج أمراض الشره العصبي.
فالعلاج ليس إجراء عمليات للسمنة، ولكن لابد فى البداية من علاج الأمراض المصاحبة لاضطرابات الاكل، ثم التدخل الجراحي لعمليات السمنة لو لزم الأمر، وبحسب تشخيص الطبيب المعالج.