لطالما فشلت الحرب على المخدرات، والسبب بسيط: إنها تهاجم المخدرات بدلاً من الإدمان الذي يدعم استخدامها.
حيث أظهر استطلاع راي قام به مركز بيو للأبحاث أن ثلثي الأمريكيين يعتقدون أن الحكومة يجب أن تركز جهودها أكثر على توفير العلاج للأشخاص الذين يتعاطون المخدرات بدلا من التركيز على سن القوانين والعقوبات.
إن إعلان الحرب على المخدرات، كما فعلت الولايات المتحدة في أوائل السبعينيات، يعتمد على افتراض خاطئ، وهو أن مجموعة من المواد هي السبب الحقيقي للمشاكل المرتبطة بالإدمان في المجتمع، ومن خلال منع الوصول إلى تلك الأدوية، تذهب النظرية إلى أن الإدمان سوف يختفي ببطء وسنعيش في مجتمع أكثر صحة وسعادة وأمانا.
قد فشلت النظرية السابقة في تحقيق الهدف منها، وذلك لان الادمان على المخدرات يتطلب علاجا شاملا ومتكاملا، ولا يتطلب سن القوانين وتحريم المخدرات فقط، بل انه يشمل العلاج النفسي والسلوكي والمعرفي بالإضافة الى ضرورة معالجة المشكلات التي ادت الى الادمان كى يتم حل المشكلة من جذورها.
اولاً: ما هو الإدمان؟
كما يخبرنا العلم فأن الإدمان هو ظاهرة بيولوجية ونفسية واجتماعية معقدة، تنبع من القابلية الوراثية وآليات التكيف التي تولد الاحاسيس والمشاعر غير السارة، فضلاً عن إمكانية التاثر بزملاء السوء، وهناك بعض الناس يكونون معرضون بالفعل لخطر الإدمان في كل وقت، و قد يتطور بهم الأمر إلى أن يصلوا إلى قاع حفرة الإدمان، لكن هناك أسباب مؤكدة تجعل بعض الناس معرضون الى الاصابة بالمخاطر الناتجة عن الادمان اكثر من غيرهم.
ثانياً: كيف يمكن تصحيح المسار؟
إن المادة المخدرة لا تهمنا حقاً في كثير من الاحيان، لأن الإدراك النفسي للإدمان أقوى بكثير من السحب المادي للعقار، وذلك يعني أن توقف المدمن عن تعاطي المخدرات لن يحميه من خطر الإدمان ولا يعد علاجا تاما الإدمان على المخدرات، بل إن العلاج التام يشمل عدد من الخطوات لعلاج الصحة النفسية والبدنية للمريض.
ثالثاً: معالجة الإدمان (العدو الحقيقي):
- ما نحتاج إلى فهمه هو أن الإدمان هو المشكلة وليس المخدرات، إن توقيف الأشخاص لحيازتهم مواد معينة قد يثبط استخدام هذه المادة المحددة، لكنه لا يفعل شيئًا لمساعدة أي شخص على فهم سبب انجذابه إلى تلك المادة في المقام الأول.
- وكما نعلم، فإن أولئك الذين يكافحون من المرض الذي يؤثر على الدماغ المتمثل في الإدمان، هم تماماً مثل الأشخاص الذين يعانون من أي مرض آخر، وهم يحتاجون إلى العلاج بدلاً من العقاب.
رابعاً: دور برنامج إعادة التأهيل في تصحيح المسار:
- لذلك فان برنامج إعادة التأهيل لا يعلمك كيف تتوقف عن تناول المادة المخدرة، بل انه يعلمك كيف ولماذا وقعت في فخ الإدمان و انخرطت في السلوك الإدماني، كما أنه يوفر لك استراتيجيات عملية للتعامل مع المشاعر أو المواقف الصعبة.
- لعل الطريقة الوحيدة لتقليل الضرر الذي تسببه العقاقير المخدرة على المجتمع هي معالجة القضايا الأساسية التي تدفع الى استخدامها، وهذا أمر فشلت الحرب على المخدرات في القيام به.
خامساً: إنهاء الحرب على المخدرات وبداية علاج الإدمان:
- نحن لا نخوض حربًا، نحن نحارب مرض، ومع إدراكنا لهذا الأمر بشكل صحيح، فقد حان الوقت كي يبتعد المجتمع عن الإجراءات العقابية ويبدأ التفكير في طرق أكثر فعالية يمكننا من خلالها تحقيق الهدف الحقيقي، وهو القضاء على مشكلة الإدمان.
- أن مراكز العلاج من الإدمان، مثل مستشفى الأمل لعلاج الإدمان، هي مثال على الطريق إلى الأمام والبدء في حل المشكلة، فبدلاً من إرسال المخالفين إلى السجن، يحصلون على العلاج الذي يحتاجون إليه للتعافي والعودة الى المجتمع، ويحرص فريق عمل مستشفى الأمل على التأكد من أن المرضى يحققون تقدما فى رحلة التعافي من الإدمان، وبالطبع هناك عقاب لأولئك الذين لا يمتثلون للعلاج، وفي الوقت ذاته، يتم مكافأة الأفراد الناجحين والملتزمين بالعلاج.
في النهاية، فان التخلي عن النهج القائم على العقاب هو خيار قابل للتطبيق، ويمكن أن ينجح بالفعل في علاج مشكلة الإدمان والقضاء عليها تماما، وكلما زاد اتساع معايير الأهلية للمستشفيات والمراكز المعالجة للإدمان، يمكن وضع طرق جديدة لإيصال المدمنين إلى العلاج بدلاً من السجن، ومن هنا يمكننا المساعدة في مكافحة الإدمان نفسه.
في حين يساهم تحسين الفرص للأشخاص الأكثر تعرضاً للخطر ومحاولة تمكينهم من الوصول إلى مراكز العلاج، في تقليل عدد الأشخاص الذين يدمنون على المخدرات.